اللحوح...ملكة مائدة رمضان في اليمن ومهنة تحترفها النساء

قبل 29 شهر

شارك على

العربية تايمز- خاص: أصناف عدة من الأكلات الشهية تعمر المائدة اليمنية في رمضان إلا أن بعضها وعلى مدى سنين طويلة ظلت وجبة رئيسية تتربع على عرش موائد الإفطار في الشهر الفضيل.
تجري العادة في اليمن على الافطار بالتمر والماء أو العصير وأداء صلاة المغرب ومن ثم العودة إلى مائدة رمضان الحافلة بأنواع عدة من الوجبات الخفيفة والدسمة.
وتعد "الشفوت" الوجبة الرئيسية في المائدة الرمضانية التي لا يكاد يخلو منها منزل في أغلب المحافظات اليمنية وتتربع على عرش الموائد، وتتقن تحضيرها النساء وبعضهن اتخذن منها مهنة تمارسها طوال العام.
وتتكون ملكة الموائد الرمضانية "الشفوت" من اللحوح التي تعتبر الملكة في إعداد وتحضير الوجبة وهي عبارة عن رقائق من الخبز على شكل دائري تتوسطه ثقوب عدة، ويصنع من عجين الذرة الحمراء أو الدقيق السائل ويعود مصدرها الرئيسي إلى محافظات؛ حجة، عمران والمحويت (شمال اليمن)، ويرش عليها اللبن/الحقين الذي يتم تحضيره في الريف اليمني أو الزبادي الذي يضاف إليه السحاوق المكونة من الطماطم والفلفل والكبزرة والبقدونس، وأحيانا يتم تحضيرها بإضافة حساء أو مرق اللحم إليها.

سفيرة اليمن
وتشتهر تسمية "اللحوح" في اليمن وانتقلت إلى كثير من البلدان مع هجرات اليمنيين، وأصبحت سفيرة لـ"بلاد السعيدة" في عدة بلدان؛ كالمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والصومال وإثيوبيا وجيبوتي، كما نقلها أبناء الطائفة اليهودية معهم عند هجرتهم من اليمن إلى القدس عام 1950، ويطلق عليها "بعرير" في المغرب والجزائر.
وظهر يهود من أصول يمنية على مواقع التواصل الاجتماعي يفاخرون بالأكلات اليمنية التي تعتبر جزء رئيسي من هويتهم وأحد هؤلاء، مردخاي معباري، الذي استقرت أسرته في القدس منذ عام 1924، ويملك محلا لبيع الفلافل بـ"اللحوح" منذ 20 عاما.

وجبة رئيسية
تقول اسماء طاهر الحرازي (38 عاما) التي تعمل في إحدى المنظمات المحلية لـ"العربية تايمز": "بالطبع اللحوح من الضروري أن تكون حاضرة في مائدة رمضان، وتتربع على مائدتنا فزوجي يحضرها معه يوميا حيث لا أستطيع تحضيرها". 
ويؤيدها، زميلها ماهر العبسي (39 عاما) حيث قال لـ"العربية تايمز": "اشتري كل يوم 3 حبات من اللحوح فهي الوجبة الرئيسية لدى عائلتي وخاصة في رمضان ولا يمضي يوم إفطار دون ان نتناولها وتكون شريكة معنا وقت الافطار".

مهنة جيدة
ومثل أي وجبة تحتاج "اللحوح" إلى وقت طويل لكي يتم تحضير أعدادا كثيرة منها وتباع من قبل باعة متجولين يكون أغلبهم من النساء اللائي أصبحت بالنسبة لهن مهنة مدرة للدخل.
تقول فاطمة علي المياس (43 عاما) لـ"العربية تايمز" "تحضير اللحوح يستغرق وقتا طويلا يبدأ من تحضير "الشُرُب" أو الخميرة التي تصنع يدويا وتضاف إلى عجينة سائلة من طحين الذرة أو الدقيق الابيض وتظل تحرك بشكل دائري ومن ثم تترك حتى تتخمر لمدة ساعة".
تضيف المياس التي تجلس على صفيحة سمن معدنية فارغة مقابل متجر كبير لبيع البهارات: "بعد أن أنتهي من تحضير العجينة السائلة أقوم بتسخين الوعاء الذي يكون مسطحا ودائريا لدرجة عالية ومن ثم آخذ وعاء مثقوبا من أسفله، وأملأه بالعجينة السائلة وأصبه على الوعاء".
تتابع المياس وهي تتحدث إلينا بينما تقوم ببيع حبات اللحوح لزبائنها الخارجين من المتجر الذي يتوسط العاصمة صنعاء: "أُحضّر يوميا قرابة 150 حبة لحوح وتستغرق قرابة ساعتين إلى ثلاث ساعات، وآتي إلى هنا كل يوم في رمضان لبيعها حيث تعتبر دخلا رئيسيا لعائلتي فلدي ابنتي الكبيرة في الجامعة واثنان في المرحلة الاعدادية، ووالدهم عاطل عن العمل بسبب عاهة مستديمة في جسده".
"في رمضان أكون هنا من الساعة الثانية بعد الظهر حتى الساعة الرابعة بعد العصر، حيث اكون انتهيت من بيع جميع اللحوح الذي حضرّته وأعود إلى منزلي الذي بنيته قبل 20 عاما في منطقة غرب (شمال صنعاء) من مردود بيع هذا الخبز"، تقول المياس.
وعندما سألتها "العربية تايمز" عن المبلغ التي تتقاضاه حاليا من بيع اللحوح قالت المياس: "أبيع الواحدة منها بسعر 200 ريال، ورمضان يعتبر موسماً حافلاً ويتشري الزبائن جميع ما أحضّره، لكن في الأيام العادية لا يتجاوز ما ابيعه يوميا من 20 إلى 30 لحوحة".